قاسم أمين ونوال السعداوي شخصيتان مهمتان في تاريخ مصر الحديث، يبرزان لعملهما في مجال حقوق المرأة في العالم العربي، وفي بلادهما بشكل خاص. ولد قاسم أمين في الإسكندرية عام 1863، قبل أكثر من نصف قرن من السعداوي (1931)، مما جعله رائد الحركة النسائية في العالم العربي.

على الرغم من أن كلا الشخصين ينتميان إلى عائلات من الطبقة المتوسطة، فقد تمكنوا من الوصول إلى تعليم كامل وجامعي، حيث أصبح أمين قاضياً والسعداوي طبيبةً.
في الحالة الأولى، تزامنت سنوات شبابه مع ولادة النهضة، وهي فترة ازدهار ثقافي وتجديد اجتماعي قائم على انفتاح البلد على الخارج. لذلك، بعد الانتهاء من دراسته الجامعية، أتيحت له الفرصة للحصول على منحة سمحت له ومجموعة من الطلاب بالسفر إلى فرنسا. تواصلت هذه المجموعة من الطلاب المتميزين مع التطور التقني والعلمي والتعليمي والثقافي للقارة الأوروبية واستخدموا، عند عودتهم، المعرفة المكتسبة في تحديث مصر.

لدى عودته إلى مصر، متأثراً بتجربته الأخيرة وصداقاته الجديدة والمؤثرة، طور بقوة تفكيرًا نسويًا ومناهضًا للاستعمار. هذه النقطة شائعة في شخصية نوال السعداوي، التي تشكلت شخصيتها بنفس المعنى بفضل نفوذ عائلتها، وخاصة والدها، الذي تأكد من أن جميع أبنائه، بغض النظر عن جنسهم، الحصول على التعليم.

في حالة السعداوي، بعد إنهاء دراستها الجامعية في الطب، وتخصصت في الطب النفسي، طورت حياة مهنية جعلتها تدرك التمييز ضد المرأة وخاصة النساء الفقيرات. وبسبب تجربتها، بدأت رحلة في مجال النشاط السياسي استغرقتها على مر السنين لعمل عدة مناصب أهمية كبيرة في حكومة مصر وفي مدينة القاهرة.

من ناحية أخرى، تم تطوير حياة مهنية قاسم أمين في مجال القانون، وعمل في شركة محاماة وأصبح قاضياً. بالإضافة إلى ذلك، تعاون في عام 1883 في إطلاق المجلة المناهضة للإمبريالية والإسلامية التي أسستها في باريس الإصلاحيان الأفغاني ومحمد عبده، بعنوان "العروة الوثقى ''.

كرّس أمين حياته المهنية كلها لصالح تحرير المرأة ، مؤكد أن تخلف المرأة وانعدام الحرية كان لهنّ تأثير كبير على تخلف الأمة. المواضيع الذي كرس لها كل طاقته هي إلغاء الحجاب ومراجعة قانون الزواج ، وقمع تعدد الزوجات والطلاق.

في عمل السعداوي ، يسيطر التنديد على وضع المرأة في بلادها وفي العالم العربي الإسلامي. تتناول الكاتبة قضايا مثل السياسة ، الثقافة ، الجنس ، أو الدين ، تنددةً بالتمييز الجنسي والعنف ضد المرأة ، خاصة من خلال تشويه الأعضاء التناسلية. لا يتهرب إنتاجه الأدبي من المواضيع الخلافية مثل اجتثاث البظر، وارتداء الحجاب ، والإجهاض ، والزواج ، أو تمكين المرأة ، تمامًا كما يثير قضايا معادية للاستعمار الجديد.

كانت كلا الشخصيان وما زالت مثيرة للجدل بكثير، وتلقت تهديدات بالقتل أو حتى كان عليهم أ نّ الذهاب إلى المنفى. ولكن بفضل نضالاتهم ، استطاع المجتمع العربي المسلم أن يخطو خطوات كبيرة في مجال حقوق المرأة.